آثار كتاب مجلة الأزهر لهذا الشهر وعنوانه "تقرير عِلمى" للدكتور محمد عمارة -عضو مجمع البحوث الإسلامية- والذى يُهاجم فيه العقيدة المسيحية والكتاب المُقدس، عاصفة من ردود الفِعل الغاضبة لَدى جموع المَسيحيين على اختلاف طوائفهم، فيما لم يَصدر عن مؤسسة الأزهر أو عُلماء الدين الإسلامى أى تصريح يُبرر موقف الأزهر من الكتاب الذى يتم توزيعه مجاناً!!..
الأقباط الأحرار استطلع رأى عدد من رموز الأزهر والكنيسة القبطية، إلى جانب حقوقيين، حول مسألة الخوض فى عقيدة الآخر، وأسلوب الهجوم الذى ينتهجه الدكتور "عمارة" منذ آمدٍ بعيد ضِد كل ما هو مسيحي، مُتمثلاً فى كُتب ومقالات تنشرها له الصُحف، وبرامج تبثها وسائل الإعلام المُختلفة.
الكتاب المُثير للجدل نوَهت عنه جريدة الدستور فى صَدر صفحاتها تحت عنوان "مجلة الأزهر توزع كتاباً مجانياً يؤكد أن الإنجيل محرف ويصف العقيدة المسيحية بالوثنية"، وتضمن الموضوع مُلخصاً لأبرز ما جاء بالكتاب من اتهامات وافتراءات بحق العقيدة المسيحية، ونحن ننتظر من "الدستور" أن تُتيح للعُلماء والدارسين الأقباط الرَد على مزاعم الدكتور عمارة، كما روجت لكتابه وما به من إدعاءات مَردود عليها.
الشيخ فوزى الزفزاف –عضو مجمع البحوث الإسلامية ووكيل الأزهر الأسبق- من جهته اعتذر عن الخوض فى المسالة برُمتها مُعللاً ذلك بكونه لم يقرأ الكتاب "موضوع الجَدل"، وحين سألناه بوضوح عن مدى إتفاقه أو اختلافه مع مضمون الكتاب وما يُنادى به من تحريف الكتاب المُقدس ووثنية الديانة المسيحية، إلتزم فضيلته الدبلوماسية واكتفى بالقول: "أنا راجل بتاع لُغة عربية مش بتاع عقيدة، إسأل أحد شيوخ العقيدة"!!.
وانتهج الشيخ محمد رافت رشوان –عضو مجمع البحوث الإسلامية- نفس الإسلوب الدبلوماسى فى الرَد، ولكنه أضاف: "إثارة مثل هذه الأمور لا يكون من خلال الصُحف ومواقع الإنترنت التى يتصفحها العامة، وإنما الكُتب العلمية التى تقرع الحُجة بالحُجة، فهى مسألة تَخُص الدارسين على وجه الخصوص".
أما الشيخ يوسف البدرى، والمَعروف بمواقفه المُتشددة فلم تفاجئنا ردوده، حيث اعتبر أن ما جاء بكتاب الدكتور عمارة هو الحق الذى يُنادى به القرأن، وأن عمارة لم يأتى من عنده بجديد فى هذا الصَدد!!
وفى رَده على سؤال: كيف يَكون الإنجيل مُحرفاً وقد تعهد الله سُبحانه بحفظ كلامه، بحَسب ما جاء فى سورة الحجر "إنا نحن نزلنا الذِكر وإنا له لحافظون"، أجاب البدرى: "الإنجيل ليس كلام الله، ولم يتعهد الله بحفظه"!!
ثُم إحتد النقاش حول شهادة القُران للإنجيل والتوراه واعتبار المؤمنين بهما أهل كتاب، وغيرها من الآيات القُرأنية التى تُجل هذه الكُتب وتمتدحها وتعتبرها مَرجعاً للقُرأن ذاته، وكانت النتيجة أن أنهى فضيلته المُكالمة من جانبه، وكان هذا هو رَده على أسئلة طرحناها عليه تتعلق فى الأساس بالمنَطق وليس الدين!!، أما منطق الشيخ البدرى فكُلنا يعرفه..
نيافة الأنبا بيسنتى -أسقف حلوان والمعصرة- فى حديث خاص للأقباط الأحرار، استهجن من جانبه الهجوم على العقيدة المسيحية، واعتبره نوعاً من الاستفزاز والاعتداء على مشاعر الآخر، فى حين تسعى القيادات الدينية وعلى رأسها قداسة البابا وفضيلة شيخ الأزهر للتهدئة وتبادُل التهانى فى المُناسبات.
وأضاف نيافته: لكل شخص الحق فى نشر تعاليم دينه شريطة آلا يُسىء للآخر أو لعقيدته، ويُخطىء من يظن أنه بهجومه على معتقدات الأخرين يَنصر بذلك دينه.
أما القُمص/ متياس نصر منقريوس، فتمثل رَده على الدكتور عمارة فى أدلة علمية وبراهين كتابية ومَنطقية سندَخرها إلى حينها، لكنه آشار فى الوقت نفسه إلى أن الدكتور عمارة قد دأب منذ أمدٍ بعيد على مُهاجمة المسيحية والكنيسة القبطية على وجه الخصوص، وأضاف: "الدكتور عمارة تجاوز كل حدود اللياقة والخصوصية، مُفترضاً أنه يمتلك الحق المُطلق، ومُعتبراً المسيحيين كفرة!!، وهذا ليس لخطأ فيه وحده وإنما فى أجهزة الدولة التى سمحت لخطره أن يستفحل إلى هذه الدرجة، وتركوه يعبث بمعتقدات الأخرين وينفث سمومه التى تُهدد باندلاع فتن طائفية، دون أن يقولوا له (إختشى)، لذلك فرسالتى للدكتور عمارة فى كلمة واحدة (إختشى)".
من جانبه شَدد القس رفعت فكرى -راعى الكنيسة الإنجيلية بشبرا- على ضرورة الرَد باسلوب عِلمى ومنهجى على افتراءات الدكتور عمارة، ومُعرباً فى الوقت نفسه عن أسفه لكونها ليست المرة الأولى التى يتجرأ فيها عمارة ومن هُم على شاكلته على إهانة العقيدة المسيحية والإساءة لمُقدسات المسيحيين، وتساءل عن فائدة قوانين ازدراء الأديان التى تعتمدها الدولة، ولا تُطبقها مع أمثال الدكتور عمارة؟!
الدكتور رفعت السعيد –رئيس حزب التجمع- اعتبر أن هذه الخطوة من جانب مؤسسة الأزهر تُعد "خطاً فادحاً"، واعتبر أن الخوض فى مسائل دينية شديدة الخصوصية على هذا النحو فيه مساس بالآخر واساءة لمشاعره، وهذا يفتح الباب أمام الأخر للرَد بنفس الإسلوب وساعتها لا يستطيع أحد أن يلومه.
واعتبر السعيد أن الدكتور محمد عمارة قد أخطأ فى الماضى بهجومه على العقيدة المسيحية فى جريدة أخبار اليوم، وهو مُستمر فى السير على نفس النهج، وهذا خطأً فادحاً.
وشاركه الرأى الدكتور محمد منير مجاهد –الأمين العام لجماعة مصريون ضِد التمييز الدينى- والذى شدد من جهته على التأثير الضار لمثل هذه الكتابات على السلام الاجتماعى والوحدة الوطنية، مُعتبراً صدور كتاب بهذا المضمون ازدراءاً لدين سماوى وحض على الكراهية وتاجيجاً للاحتقان الطائفى.. وأضاف "مجاهد": إنه لأمر مَعيب أن الذين ساءهم حظر بناء المآذن فى سويسرا، هُم أنفسهم الذين يتهكمون على أهلنا الأقباط ويسيئون لمشاعرهم